المقارنة المرجعية (Benchmarking)
تشير الأدبيات إلى أن المقارنة المرجعية تعتبر من أهم وأقوى الأساليب التي يمكن أن تعتمد عليها المؤسسات في قياس وتحسين الجودة، ولو بحثنا عن نشأة وبداية ظهور المقارنة المرجعية لوجدنا أن معظم الدراسات السابقة اتفقت على الطرح التالي: المقارنة المرجعية لها دلالات تاريخية تعود إلى عام (1810) عندما قام الصناعي الإنكليزي (Francis Lowell) بدراسة طرق وأساليب الإنتاج المستخدمة في مجموعة من مصانع النسيج البريطانية ونقل تجاربها الناجحة إلى المصانع الأمريكية _التي ازدهرت في تلك الفترة_ مع إدخال بعض التحسينات عليها، وفي عام (1913) قام (Henry Ford) بتطوير خط التجميع كأسلوب صناعي متميز من خلا قيامه بجولات في مواقع ذبح الأبقار في شيكاغو، وفي بداية الخمسينات قام اليابانيون بتركيز جهودهم على جمع المعلومات واستقطاب الأفكار ومحاكاة الشركات الأمريكية أثناء زياراتهم المكثفة التي كان الهدف منها الحصول على المعرفة وتكييف ما شاهدوه لخصوصيتهم اليابانية والاستناد عليها في إبداع منتجاتهم ومبتكراتهم في نهاية الستينات والسبعينات وقبل أن تكون تسمية المقارنة المرجعية موجودة في قاموس الأعمال، وفي بدية الثمانينات، كانت شركة (Xerox) تفقد حصتها في السوق تدريجياً وتواجه الكثير من الضغوط من قبل منافسيها، وفي محاولة منها للعودة إلى السوق، قررت الشركة مقارنة عملياتها مع منافسيها، وأطلقت الشركة على هذا الأسلوب تسمية (Benchmarking) وأخذت تطبقه بشكل واسع ومكثف، ونتيجة للنجاح الذي حققته الشركة، أخذ مفهوم المقارنة المرجعية ينمو ويتطور في الدول الصناعية بشكل كبير.
والمقارنة المرجعية هي أسلوب فعال لجميع أنواع المنظمات، وتستخدم في مختلف القطاعات مثل الخدمات والتصنيع، حيث يشير الباحثين إلى أن الأدبيات مليئة بالتجارب العملية المتعلقة بالمقارنة المرجعية واستخداماتها مثل تكنولوجيا المعلومات، المستودعات، التصنيع، صناعة الخدمات، الرعاية الصحية وغيرها، وقد انتشرت المقارنة المرجعية بشكل سريع وأصبحت واحدة من أكثر تقنيات المنافسة استخداماً، وذلك لتحسين أداء المنظمة من خلال تحديد، فهم وتطبيق أفضل ممارسات المنظمات الأخرى.
مفهوم المقارنة المرجعية (Benchmarking Concept):
(Benchmark) يُعنى بها في أدبيات الأعمال مستوى الأداء أو الجودة الأفضل، فعندما يستغرق تطوير منتوج المنظمة (12) شهراً قياساً ب(8) أشهر لأفضل منافسيها، تغدو مدة (8) أشهر العلامة المرجعية التنافسية، في حين يكون مستوى أداء منظمة أُخرى غير منافسة ذات منتوج مشابه تستغرق مدة تطويره (7) أشهر، هو العلامة المرجعية ذات المرتبة الأفضل.
وقد عرَّف قاموس (Cambridge) مصطلح (Benchmark) كما يلي:
(اسم): مستوى الجودة الذي يتم استخدامه كمعيار عندما نقارن بين عدة أمور.
(فعل): لقياس جودة الشيء من خلال مقارنته مع شيء آخر كمعيار مقبول.
وقد ترجم العديد من الكتاب والباحثين العرب مصطلح المقارنة المرجعية (Benchmarking) بطرق مختلفة، فمنهم من اصطلح على تسميته بالقياس المرجعي أو القياس المقارن أو المعايرة التنافسية أو المعايرة النموذجية، وعلى الرغم من الفروق اللفظية في الترجمة إلا أنهم يجمعون على المعنى المقصود والفائدة المتحققة من تطبيق هذا الأسلوب، وقد أشار بعض الباحثين في هذا الصدد إلى ما يلي: جاء مفهوم المقارنة المرجعية في اللغة العربية متشعباً واختلط بمفردات متعددة حسب اجتهادات الباحثين، إذ تناوله عدد من الكُتَّاب والباحثين تحت مُسمَّيات عِدَّة مثل (القياس إلى النمط) و(المقارنة المرجعية) و(إقامة مثل أعلى) و(قواعد المقارنة)، …، وإن كان هناك اختلاف في التعبير عن هذا المصطلح إلا أن هناك شبه اتفاق من حيث المعنى والفائدة المُتوخَّاة منه، ويشير باحثين آخرين إلى ما يلي: لحداثة المفهوم سُمِّي بمسمَّيات عديدة منها المقارنة المرجعية، القياس إلى النمط، المعايير القياسية، المقارنة بالمنافس، نموذج قواعد المقارنة، إلا أن التسمية الأكثر شيوعاً واستخداماً هي المقارنة المرجعية.
كما تعددت آراء الباحثين حول التعبير عن مفهوم المقارنة المرجعية، فمنهم من عدَّها أداة (Tool) ومنهم من عدَّها أسلوب (Style) أو تقنية (Technique) وفريق آخر يعتبرها طريقة (Way)، وآخرون يرون أن المقارنة المرجعية هي عملية (Process)، وعلى الرغم من تعدد هذه التسميات اللفظية إلا أن هناك شبه اتفاق أيضاً على المعنى المقصود والفائدة من التطبيق.
وعلى الرغم من وجود العديد من التعريفات في الأدبيات، إلا أنه لا يوجد تعريف متفق عليه للمقارنة المرجعية، وعند البحث عن أهم التعريفات التي أوردتها الأبحاث السابقة للتعبير عن مصطلح المقارنة المرجعية نجد ما يلي:
-التعبير الصادق والحقيقي لروح وجوهر التحسين المستمر .
-أسلوب يُمكِّن المنظمة من مقارنة أدائها بمعايير مناسبة أعلى تساعد على ضمان التحسين المستمر .
-تحديث مستمر لمستويات وملامح المنافسة ضمن الأسواق وهي تحسين إيجابي من خلال التعلم من الآخرين .
-طريقة نظامية لتحديد وفهم المنتجات والخدمات والآلات والمعالجات والممارسات المتفوقة لتحسين أداء المؤسسة .
-عملية مستمرة لتحسين الأنشطة والمنتجات والخدمات في ضوء أفضل مستويات الأداء الموجودة في الوحدات الاقتصادية المنافسة أو العمليات المماثلة داخل الوحدة .
-يرى معهد محاسبي التكلفة في الهند أن المقارنة المرجعية هي تجربة تعليمية مستمرة تؤكد على اكتشاف أفضل الممارسات والتكيف مع هذه الممارسات للحصول على أداء متميز .
-التقنية التي تحدد الميزة التنافسية للمنظمة بواسطة التحسين لمنتجاتها وخدماتها ومقارنتها مع أفضل أداء للمنافسين .
فالمقارنة المرجعية هي البحث عن أفضل الممارسات في الصناعة والتي تؤدي إلى تحقيق الأداء المتميز، عن طريق تطبيق هذه الممارسات، فهي دراسة منهجية وعملية استكشافية وطريقة للتحسين وفرصة للتعلم والتزام للإدارة ووسيلة لتعريف وتشخيص أفضل الممارسات التي تحقق معايير التفوق وتتسم بالاستمرار، وهذا الوصف يرتبط بعدة نقاط منها:
-العملية المستمرة وهو شرط فاعلية نظام المقارنة (لأن الممارسات الصناعية هي دائمة التغيير).
-القياس الذي يتيح معرفة الممارسات الأفضل والواجب تنفيذها لتحقيق التفوق.
-المنتجات والخدمات والممارسات إذ سيشمل التطبيق أوجه الأعمال كافة.
-الشركات المعروفة كشركات قائدة في الصناعة أي يجب أن يكون المنافس من الشركات الرائدة في أي صناعة (شركة صاحبة ممارسات قدوة Exemplary أو متميزة Excellence أو شريك Partner).

منح دراسية
النوع: كتاب (pdf) لأهم المنح الدراسية العالمية
مُتاح عبر “مدونة فرحان”
سنة النشر: 2021
*-يُرجى تفقد البريد الوارد أو البريد غير الهام، حيث سيتم إرسال الكتاب عبر البريد الإلكتروني المسجل به.
المصادر
- أحمد، أحمد ميري، وغزاي، ماجد جبار، (2016)، دور المقارنة المرجعية في تحسين الأداء المصرفي “دراسة حالة في مصرف المتحد للاستثمار ومصرف بابل”، مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والإدارية، 1(37)، ص187.
- اسماعيل، مجبل دواي، (2007)، فاعلية المقارنة المرجعية في تقويم الأداء وإمكانية تطبيقها في الوحدات الاقتصادية العراقية غير الهادفة للربح، مجلة التقني، 21(6)، ص78.
- بني حمدان، خالد محمد وآخرون، (2010)، دور إدارة المعرفة في تطبيق المقارنة المرجعية- دائرة الجمارك العامة الأردنية- دراسة حالة، مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة، العدد 25، ص224
- الخطيب، سمير كامل، (2001)، قياس دور المقارنة المرجعية في تحسين الأداء المنظمي: دراسة حالة مع نموذج مقترح- الشركة العامة للأصباغ الحديثة، أطروحة دكتوراه، الجامعة المستنصرية، ص30.
- سلمان، علاء جاسم وآخرون، (2014)، دور المقارنة المرجعية في تحسين أداء المنظمة بالتطبيق في بنك سبأ الإسلامي وبنك التضامن الإسلامي، مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة، ص ص283-284.
- الشعباني، صالح وآخرون، (2013)، استخدام تقنية المقارنة المرجعية في تقويم أداء القطاع السياحي بالتطبيق على عينة من فنادق بعض المحافظات العراقية، العلوم الاقتصادية، 8(32)، ص141.
- عطياني، مراد سليم، و نور، عبد الناصر، (2014)، أثر المقارنات المرجعية (Benchmarking) في التحسين المستمر لجودة المنتجات والعمليات: دراسة ميدانية على شركات صناعة الأدوية في الأردن، المجلة الأردنية في إدارة الأعمال، 10(2)، ص281.
- Adebanjo, D and others, (2010), An Investigation of the Adoption and Implementation of Benchmarking, IJOPM, 30(11), p1166.
- Alosani, M and others, (2016), Mechanism of Benchmarking and its Impact on Organizational Performance, International Journal of Business and Management, 11(10), p172-173.
- Camp, R, (1989), Benchmarking: The search for industry best practices that lead to superior performance, Quality Press, p62.
- Elmuti, D and Kathawala, Y, (1997), An Overview of Benchmarking Process: A tool for Continuous Improvement and Competitive Advantage, Benchmarking for Quality: Management and Technology, 4(4), p229.
- Evans, J, (1997), Production Operation Management: Quality, Performance and Value, 5th ed, New York, West Puplishing, p434.
- http://dictionary.cambridge.org/dictionary/english/benchmark).
- Wesner, J and others, (1995), Winning With Quality: Applying Quality Principles in Product Development, Addition Publishing, Massachusetts, p179.
تابع صفحة المدونة على فيسبوك للحصول على كل جديد
🥇https://web.facebook.com/Mohanad.Alfarhaan🏆