نظرية الوكالة (Agency Theory)

دخلت نظرية الوكالة في الفكر الاقتصادي بشكلها الرسمي في بداية السبعينات من القرن الماضي على يد الباحثان (Jensen and Meckling)، إلا أنَّ المفاهيم التي تستند إليها هذه النظرية تعود إلى الاقتصادي المعروف (آدم سميث) عند مناقشته لمشكلة الفصل بين الملكية والسيطرة (الإدارة) في كتابه ثروة الأمم عام 1776 حيث قال:
“إنَّ مديري الشركات المساهمة لا يُمكن أن يُتوقَّع منهم مراقبتها بنفس الحماس الذي يُراقِب فيه الشركاء في شركة خاصة مصالحهم عادة، ذلك لأنّ هؤلاء المديرين يقومون بإدارة أموال الغير وليس أموالهم الشخصية الخاصة، ومن الطبيعي أن يستتبع هذا شيوع الإهمال والتفريط بشكل أو بآخر في إدارة شؤون هذه الشركات”.
حيث نعى آدم سميث بكثير من الحزن حالة الشركات المُساهِمة في عصره، فهو يقول عن مديريها ”لأنَّهم يديرون أموال الناس وليست أموالهم فإنَّ الإهمال والإسراف لا بُدَّ أن يسود بدرجة أو بأُخرى في إدارة شؤون هذه الشركات”.

ويصف (Jensen and Meckling) علاقة الوكالة بأنها “عقد يقوم بموجبه واحد أو أكثر من الأفراد (الأصيل أو المُوكِّل) بتعيين فرد واحد أو أكثر (الوكيل) لكي يُنجز بعض الأعمال والخدمات بالنيابة عنه، وفي المقابل يُفوِّض الأصيل الوكيل في اتّخاذ بعض القرارات”.
كما اعتبر (Jensen and Meckling) أنّ الشركة هي سلسلة (عُقدة) من العُقود بين الأطراف المختلفة.
وقُسِّمت نظرية الوكالة إلى نظريتين: الأولى معيارية (Normative) والتي اعتبرت أنّ العلاقة هي بين المالك والمدير فقط وأنّ المدير غير نشط وإنما يُنفِّذ فقط طلبات المالك.
أما النظرية الثانية الإيجابية (Positive) فقد اعتبرت أنّ العلاقة هي بين جميع الأطراف المتعلِّقة بالشركة وأنَّ المدير هو شخص نشط وبما أنّه ليس مالكاً فيهمُّه أن يُحقق مصالحه الشخصية قبل مصالح الشركة.

وقد أدَّى ظهور نظرية الوكالة وما ارتبط بها (مشكلة الوكالة) إلى زيادة الاهتمام والتفكير في ضرورة وجود مجموعة من القوانين واللوائح التي تعمل على حماية مصالح المُساهمين (موكل) والحد من التلاعب المالي والإداري الذي قد يقوم به أعضاء مجلس الإدارة (وكيل) بهدف تعظيم مصالحهم الخاصة.
وتفترض نظرية الوكالة اختلاف أهداف وأفضليات كل من الأصيل والوكيل وهذا يؤدي إلى نشوء مشكلة الوكالة بسبب عدم قدرة الأصيل على رقابة أداء الوكيل إضافة إلى عدم تماثل المعلومات حيث أنَّ الإدارة (الوكيل) لديها معلومات أكثر من الأصيل (المُلَّاك) وحتى لو توافرت نفس المعلومات للأصيل فإنّه قد لا يستطيع تفسيرها بنفس قدرة الوكيل المُتخصِّص.

ولحل مشكلة الوكالة الناشئة عن تعارض المصالح بين المُلَّاك والإدارة تم اقتراح ما يلي:
- إعطاء الإدارة أجرها في صورة أسهم.
- مراقبة كل تصرف للإدارة عن قرب، وهذا مُكلف جداً وغير فعال.
- والطريقة المثلى لعلاج المشكلة تقع بين الحلّين السابقين عن طريق ربط أجر الإدارة بالأداء مع وجود بعض الرقابة المباشرة.
إضافة إلى توضيح مشكلة الوكالة فقد أوضحت هذه النظرية التكاليف الناتجة عن وجود الصراعات بين المُلّاك والإدارة ومنها:
- تكلفة الرقابة: يتحمُّلها الموكِّل (وتتضمّن جميع التكاليف المترتبة لعملية الرقابة على الوكيل).
- تكلفة الثقة: يتحمُّلها الوكيل (الذي يبذل جهده ليؤكد أنه شخص موثوق به وقادر على الوفاء بوعده).
- تكلفة الخسارة المتبقية: يتحمُّلها الموكِّل (وهي تمثل الفرق بين تكلفة القرار الذي اتَّخذه المدير وتكلفة القرار الذي كان من الممكن أن يتَّخذه لو كان مالكاً).
وهذا ما يدفع الأطراف المتصارعة إلى التوافق لتخفيض هذه التكاليف لتحقيق أهداف المؤسسة ككل وليس تحقيق هدف أحد الأطراف على حساب الأطراف الأخرى، ويمكن أن يتم ذلك عن طريق ما يُسمَّى بقواعد الإدارة الرشيدة أو الحوكمة.

منح دراسية
النوع: كتاب (pdf) لأهم المنح الدراسية العالمية
مُتاح عبر “مدونة فرحان”
سنة النشر: 2021
*-يُرجى تفقد البريد الوارد أو البريد غير الهام، حيث سيتم إرسال الكتاب عبر البريد الإلكتروني المسجل به.
المصادر
- Jensen,M and Meckling,W, Theory of the firm: Managerial behavior, Ageny Costs and Ownership Structure. Journal of financial economics,3 Oct 1976.
- محمد مصطفى سليمان، حوكمة الشركات ومعالجة الفساد المالي والإداري، الدار الجامعية، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية، الطبعة الأولى، 2006.
- حسين القاضي، كنان ندَّه، مبادئ حوكمة الشركات في سوريا (دراسة مقارنة مع مصر والأردن)، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد26، العدد الثاني، 2010.
- حبار عبد الرزاق، الالتزام بمتطلبات لجنة بازل كمدخل لإرساء الحوكمة في القطاع المصرفي العربي-حالة دول شمال إفريقيا، مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا، العدد7، 2009.
- فلاق صليحة، دور آليات الحوكمة في تفعيل أداء شركات التأمين التكافلي، الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية، قسم العلوم الاقتصادية والقانونية، العدد11، 2014.
- طارق عبد العال حماد، حوكمة الشركات (المفاهيم-المبادئ-التجارب)، الدار الجامعية – الإسكندرية، جمهورية مصر العربية، 2005.
- المعتصم بالله الغرياني، حوكمة الشركات المساهمة-دراسة في الأسس الاقتصادية والقانونية، الدار الجامعية – مصر، 2008.
الفيديو التالي من قناة (Business Tutorials) على اليوتيوب يوضح لمحة عن علاقة الوكالة:
اذا استفدتم من هذه المقالة لا تنسوا دعمنا من خلال مشاركة المقالة مع المهتمين، أيضاً لا تنسوا الاحتفاظ بالمقالة في قائمة “المفضلة” للرجوع إليها لاحقاً.
مقالة نظرية الوكالة بواسطة مدونة فرحان مرخصة بموجب رخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف – الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
تابع صفحة المدونة على فيسبوك للحصول على كل جديد
🥇https://web.facebook.com/Mohanad.Alfarhaan🏆