الإنتحال (Plagiarism)

الإنتحال قديم قدم الزمن، تعددت أشكاله، أساليبه وتقنياته، لكنه يبقى انتحال. فالإنتحال، السرقة، القرصنة، الإنتحال الأدبي/الفكري/الفني، انتحال الملكية الأدبية/الفكرية، سرقة مؤلفات الغير، تلفيق الإنتاج الأدبي/الفني جميعها مسميات تدل على معنى واحد. وقد ظهرت الكثير من التعريفات لمصطلح الإنتحال (Plagiarism)، حيث عرَّفه قاموس كامبريدج بأنه ” نسخ عمل أو أفكار شخص آخر”، كما عرَّفته جامعة أوكسفورد بأنه “تقديم أعمال أو أفكار شخص آخر على أنها عملك الخاص، بموافقته أو بدون موافقته، من خلال دمجها في عملك دون الاعتراف الكامل بصاحب العمل الأصلي”. ويعاني الكثير من الباحثين والمؤلفين هذه الأيام من الإنتحال الممنهج من قبل الآخرين، والذي يؤدي إلى نتائج مدمرة للجميع. وفي هذه المقالة سنناقش بشكل موجز بعض الأسباب الشائعة التي تدفع شخص ما لسرقة أفكار وجهود الآخرين ونسبها لنفسه. وهذه الأسباب تتمثل بما يلي:

السبب الأول للإنتحال هو أنه جزء من الطبيعة البشرية لبعض الناس، فهناك العديد من الأشخاص الذين لديهم جين الإنتحال (Plagiarism Gene) في الجينوم الخاص بهم🧬، ولكن هل يمكننا اعتبار ذلك سلوك سلبي؟، حيث يمكننا ملاحظة أن “بعض الناس يقوم بالإنتحال لأنه يرفع الأدرينالين لديهم إلى مستويات عالية، والبعض الآخر ليس لديه وقت للتحضير جيداً، والبعض يقوم بالغش باعتباره أسلوباً للحياة، بالنهاية هكذا هم الناس” (الانتحال والطبيعة البشرية). وهذا بالطبع يعتمد على كل حالة حيث تشير ميروسلافا ميىرنك إلى “أننا نقوم بالتحايل على بعضنا البعض دون وعي لأن هذه هي طبيعتنا البشرية، في اللحظة التي نولد فيها نتعلم النسخ من الآخرين وتقليد أمور محددة في محيطنا، حتى عندما أقوم بالتحدث لكم عن ذلك فأنا لا أعبر عن أفكاري الخاصة”. والسؤال هنا: هل ما سبق ذكره صحيح بالنسبة لجميع الحالات.

السبب الثاني الشائع للإنتحال هو أن بعض الناس في المجال الأكاديمي مثل الأساتذة والطلاب يرغبون بالحصول على مزايا ومستويات أكاديمية أفضل أو يرغبون بالنجاح في مقرراتهم ووظائفهم بأسرع وأسهل طريقة، وعليه يقومون بنسخ وسرقة أعمال وجهود الآخرين دون أي اعتبار لما يلحقه ذلك من آثار مدمرة على الجميع. وهنا ربما يجب علينا التفريق بين الخبراء والمختصين في المجال الأكاديمي _ مثل الأساتذة والمدرسين وغيرهم _ وغير المختصين مثل معظم الطلاب الباحثين في الجامعات 👩‍🎓 👨‍🎓، وهذا الأمر مهم حيث أشار تقرير صادر عن جامعة نورث كارولينا بأنه “عادة عندما يقوم الطلاب الباحثين بالإنتحال فهم لا يقومون بذلك عمداً، وإنما يقعون في ذلك بالصدفة، والسبب أنهم لا يملكون فهماً كاملاً لماهية الإنتحال”. والسؤال المطروح هنا: هل ما سبق ينطبق على الخبراء الأكاديميين؟، أو أن هذا النوع من الخبراء يمكنهم مثلاً تبرير أعمالهم استناداً إلى الفكرة التي طرحها توم بيترز عام 1989 والتي أشار فيها إلى أن “السرقة الخلَّاقة هي القيام بتبني وتكييف الأفكار الجيدة للآخرين وجعلها أفكارك الخاصة” 🤔. والسؤال الثاني المطروح هنا: هل هناك سرقة خلَّاقة وسرقة غير خلَّاقة؟ ما رأيكم؟.

سبب آخر للإنتحال هو ضعف أو غياب القوانين والتعليمات التي تنظم مثل هذه الأمور. فوجود القوانين والتعليمات تعتبر من أهم العوامل التي تحدد وجود انتحال من عدمه في حالة معينة، وما إذا كان هذا الإنتحال مقصود أو غير مقصود، وما هي الخطوة اللاحقة في حال وجود أو عدم وجود انتحال. فمثلاً أشار تقرير صادر عن جامعة الباسيفيك إلى أن هناك الكثير من الحالات التي “تم اعتبار الانتحال فيها كنوع من السرقة: أخذ ملكية الآخرين واستخدامها كملك شخصي”.

أخيراً وليس آخراً، تعتبر الحروب والأزمات أيضاً من الأسباب الأساسية للانتحال، فمن الملاحظ أن حالات الانتحال تزداد في الأماكن التي تعاني من صراعات. فمثلاً تم إقصاء الكثير من الجامعات والمجلات الأكاديمية (التابعة لمناطق تُعاني من صراعات) من التصنيفات العالمية بسبب الزيادة الكبيرة في حالات الانتحال ضمن الأبحاث الاكاديمية.

فما رأيك عزيز القارئ بموضوع الانتحال، هل عانيت سابقاً من سرقة أفكارك أو جهودك؟